السبت، 13 نوفمبر 2010

قال الغضب يوما

لا تتركونى لا لا لا تتركونى ضمدونى طببونى , أوهكذا أموت يا رفاقى إن دمى سال يجرى بين دمعاتى لا تتركونى .
فى مطلع صباح ندى ها هى الساعة تعلن أنها أصبحت السابعه كى توقظ أرباب العمل من نومهم رغم تعبهم , وها هو خرير الماء يعلن أن هناك رجل يجدد وضوئه من أجل صلاة الضحى ويعانق الماء ابتسامته التى لا حت على وجهه الوضىء بنور الإيمان , وها هو رجل آخر يفوح فيه عطرا مما يتلو من خير الكلام وأطيبه من الذكر الحكيم
وفى آخر الحارة رجل انحنى ظهره من مرور سنوات عمره يتكأ على عصا ويمسك باليد الأخرى طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره كانا قد انهيا صلاة الضحى فى المسجد بعد أن انهيا صلاة الفجر والصبح وجلسا حتى شروق الشمس
وفى الحارة العموديه هناك عمى شاهد الذى خرج من بيته مرتجلا كى يفتح محله وهو يتمتم بذكر الله ما شاء أن يوفقه الله إليه تعلو جبهته عزة وفخرا وعلى خديه ترى حزنا على ما تمر به أمة الإسلام فصار وجهه لوحة تترجم عليها أحداث الواقع , وهناك حارة أخرى فتح أحد أبوابها شاب فى أتم الصحة والنشاط " خالد " مرتديا ملابسه محاولا أن يخفى قسمات جسده الذى يتسم بقوة البينان فهو لم يشأ يوما أن يستخدم قوته لأنه يعلم أنها ستضر لن تنفع فكان دوما ما يخشى من ذلك أغلق بابه ولكنه هذى المره وجد الباب صعب المراس فى غلقه ويكأنه يقول لا تتكرنى فلربما لن أراك ثانية ثم اعتدل فأغلقه ثم مضى وها هى خطواته التى أعتاد عليها ثرى الحاره يوما بعد يوم وما هى إلا لحظات حتى خرج من حارته فرفع ببصره شيئا فشيئا ليرى فى الحارة الأخرى عائلة تجتمع وليست من المعتاد أن تجتمع فى هذا الوقت من الصباح , فهناك شيخ له من الهيبة والوقار ما تشىء أن تقول وهناك أخيه الأكبر جالسا بجواره ونظراته ليست كالمعتاد وهناك أخ ثالث يتكأ على عربته ويتسم دوما بالهدوء والإبتسام اللذان لا يفارقاه فمن بعيد كان الحديث دائرا بينهم ومن قريب كان الصمت حديثهم وما إن اقترب منهم خالد حتى لاح له فوق شجرة أمام هذى العائله طائر يغرد ولكن تمتماته غليظة اليوم ويكأنه ينفخ فى بوق فرفع خالد يديه ليغلق أذناه عن هذا الطائر , وفجأة ويديه قد اقتربت من أذانه إذا به يسقط على الأرض من أثر ضربة على رأسه فحرك يديه إلى رأسه ليرى الدماء قد سالت فتماكل نفسه وأراد أن يعتدل من رقدته على الأرض كى يعى ما يحدث , فإذا به يرى آخر قادم عليه لإاراد أن يجرى فتعرقلت قدماه لينزع الآخر آهاته وصراخاته التى أنذرت عمى شاهد عما يحدث فجاء مسرعا وترك ما بيديه فى محله وأتى يصرخ كفى كفى ما بكم ؟ هل جن جنونكم ؟ ما تفعلون به ؟ لما لما ؟
ولكنه فوجىء برد أيقظه من دنيا الأمان والتسامح من دنيا الرفق والحلم من دنيا المحبة والطاعه إلى دنيا الغضب والغيظ إلى دنيا الحقد والغل إلى دنيا الكره والمعصيه , فقد رد عليه الشيخ الوقور اذهب بعيدا وانشغل بحالك فإنه اليوم مقتول ولا تسعى لأى رد أحذرك اكتفى عمى شاهد بما يرى ووقفت قدماه وتجظت عيناه كى ترى ما يحدث
جرى خالد فى عكس مساره والكل من ورائه يجرى ممسكا بعصا تارك المجال للسانه بأشد الكلمات وأقذعها التى كانت نذيرا بالموت له , وفى لحظة وجد خالد وخزا فى صدره , فصاح ويحا ويحا ويحك يا شادى فقد كان الوخز وخز سكين دفعه شادى ابن الشيخ الوقور فى صدر خالد خوفا منه أن يستفيق فيفعل الأفاعيل بهم , فهم يعملون خالدا جيدا وإن أتيحت له الفرصة لحظة لطاح بهم جميعا لذا أرادوا أن يكبلوه بالضرب والطعنات وهنا قد استكانت نفوس العائله وهدأت من حالة الغضب التى تملكت منهم جميعا ونادى عليهم شيخهم هلموا تعالوا واتركوه وادخلوا إلى مساكنكم
وهنا خالد قد بدأ بغرغرة الموت توقفت قدماه عن المسير أمام باب أحد الجيران والدماء تسيل من رأسه ومن صدره وقد بدأ الأناس فى القدوم مسرعين ولكن لا ليفعلوا شيئا سوى أن قدموا ليشاهدوا الحدث حيا , توقف لسان خالد عن الكلام وبدأ عيناه فى النوب عنها فصار يتكلم بعيان إلى كل من أمامه لكن صمت أعين العين أو أنها أعلنت الصمم كى لا تتدخل وساد الصمت أرجاء المكان , فتدخل الطائر كى يغلق دائة الصمت وكى يكمل عزفه لمقطوعة حزينه كان قد بدأها من لحظات
فتحركت عينى خالد فتحدثت وقالت :
لا تتركونى لا لا لا تتركونى ضمدونى طببونى , أوهكذا أموت يا رفاقى إن دمى سال يجرى بين دمعاتى لا تتركونى .
ولكن الصمت أعلن أنه رب المكان , حتى فارقت روحه هذى الحياه تاركة ذكرى تتناقلها ألسن وألسن وهنا بعد توقف العمر بخالد بدأ الكلام بالصراخ تلو الصراخ ولكن هيهات هيهات فقد انقضى الأمر وبدأ العويل من النساء وبدأ التجهم من الرجال تجاه ما حدث وبدأت الأقاويل حول ما حدث ولما حدث وكيف حدث ؟ ولكن الصمت شاهد عيان على الخذى فأين كان منبت الفعل فهل يستحق أن يؤدى إلى الفعل
ومن الأفق لاح صوتا لم يسمعه إلا ذوى الأبصار المنيره أتى الغضب ليقول سجلوا هذا الحدث عنى فقد انتصرت اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق